السبت، 14 سبتمبر 2013

ضاع العمر بغلطة

ضاع العمر بغلطة

 

هناك قصة مشهورة في الأدب الفرنسي

اعتمدت على واقعة حقيقية حدثت في باريس

قبل فترة طويلة

 

ورغم أنني لم أعد أذكر الأسماء والتفاصيل

 

إلا أنني أذكر المغزى والمفارقة

وبالتالي سمحت لنفسي بإعادة صياغتها

على النحو التالي

 

كانت هناك شابة جميلة تدعى صوفي

ورسام صغير يدعى باتريك

نشآ في احدى البلدات الصغيرة

 

وكان باتريك يملك موهبة كبيرة في الرسم

بحيث توقع له الجميع مستقبلا مشرقا

ونصحوه بالذهاب إلى باريس

 

وحين بلغ العشرين تزوج صوفي الجميلة

وقررا الذهاب سويا إلى عاصمة النور

وكان طموحهما واضحا منذ البداية

حيث سيصبح هو رساما عظيما

وهي كاتبة مشهورة

 

وفي باريس سكنا في شقة جميلة

وبدآ يحققان اهدافهما بمرور الأيام

 

وفي الحي الذي سكنا فيه تعرفت صوفي على سيدة ثرية لطيفة المعشر

وذات يوم طلبت منها استعارة عقد لؤلؤ غالي الثمن لحضور زفاف في بلدتها القديمة

ووافقت السيدة الثرية وأعطتها العقد

وهي توصيها بالمحافظة عليه

ولكن صوفي اكتشفت ضياع العقد

بعد عودتهما للشقة فأخذت تجهش بالبكاء

فيما انهار باتريك من اثر الصدمة

 

وبعد مراجعة كافة الخيارات قررا شراء عقد جديد للسيدة الثرية يملك نفس الشكل والمواصفات ولتحقيق هذا الهدف باعا كل مايملكان واستدانا مبلغا كبيرا بفوائد فاحشة

 

وبسرعة اشتريا عقدا مطابقا وأعاداه للسيدة

التي لم تشك مطلقا في انه عقدها القديم

 

غير ان الدين كان كبيرا والفوائد تتضاعف باستمرار ، فتركا شقتهما الجميلة وانتقلا إلى غرفة حقيرة في حي قذر

 

ولتسديد ماعليهما تخلت صوفي عن حلمها القديم وبدأت تعمل خادمة في البيوت

 

أما باتريك فترك الرسم وبدأ يشتغل

حمّالا في الميناء

 

وظلا على هذه الحال خمسة وعشرين عاماً

ماتت فيها الاحلام ، وضاع فيها الشباب

وتلاشى فيها الطموح

 

وذات يوم ذهبت صوفي لشراء

بعض الخضروات لسيدتها الجديدة

وبالصدفة شاهدت جارتها القديمة

فدار بينهما الحوار التالي

عفواً هل انت صوفي ؟ -

نعم ، من المدهش -

ان تعرفيني بعد كل هذه السنين

 

يا إلهي تبدين في حالة مزرية -

ماذا حدث لك ولماذا اختفيتما فجأة !؟

 

اتذكرين ياسيدتي العقد الذي استعرته منك !؟ -

لقد ضاع مني فاشترينا لك عقدا

جديدا بقرض ربوي ومازلنا نسدد قيمته

 

يا إلهي ، لماذا لم تخبريني يا عزيزتي -

لقد كان عقدا مقلدا لا يساوي خمسة فرنكات

**********

 

هذه القصة المأساة تذكرتها اليوم

وأنا أقرأ قصة حقيقية من نوع مشابه

 

قصة بدأت عام 1964حين هجم ثلاثة لصوص على منزل كارل لوك الذي تنبه لوجودهم

فقتلهم جميعهم ببندقيته الآلية

 

ومنذ البداية كانت القضية لصالح لوك كونه

في موقف دفاع عن النفس

 

ولكن اتضح لاحقا ان اللصوص الثلاثة

كانوا أخوة وكانوا على شجار دائم مع جارهم لوك

 

وهكذا اتهمه الادعاء العام بأنه خطط للجريمة

من خلال دعوة الاشقاء الثلاثة لمنزله

ثم قتلهم بعذر السرقة

 

 

وحين أدرك لوك ان الوضع ينقلب ضده

اختفى نهائيا عن الانظار

وفشلت محاولات العثور عليه

 

ولكن ، أتعرفون اين اختفى !!؟

في نفس المنزل في قبو

لا تتجاوز مساحته متراً في مترين

فقد اتفق مع زوجته على الاختفاء نهائيا

خوفا من الإعدام

 

كما اتفقا على إخفاء سرهما عن اطفالهما الصغار خشية تسريب الخبر للجيران

ولكن الزوجة ماتت بعد عدة أشهر

 

في حين كبر الأولاد معتقدين ان والدهما

توفي منذ زمن بعيد

 

وهكذا عاش لوك في القبر الذي اختاره

لمدة سبعة وثلاثين عاما

 

اما المنزل فقد سكنت فيه لاحقا ثلاث عائلات

لم يشعر أي منها بوجود لوك

فقد كان يخرج خلسة لتناول الطعام والشراب

ثم يعود بهدوء مغلقا باب القبو

 

غير ان لوك اصيب بالربو من جراء الغبار

واصبح يسعل باستمرار

 

وذات ليلة سمع رب البيت الجديد سعالا مكبوتا

من تحت الارض فاستدعى الشرطة

 

وحين حضرت الشرطة تتبعت الصوت

حتى عثرت عليه فدار بينهما الحوار التالي

من أنت وماذا تفعل هنا !!؟ -

اسمي لوك وأعيش هنا منذ 37عاما -

وأخبرهم بسبب اختفائه

 

يا إلهي ألا تعلم ماذا حصل بعد اختفائك !!؟ -

 

لا ، ماذا حصل ؟ -

 

اعترفت والدة اللصوص بأن أولادها -

خططوا لسرقة منزلك

فأصدر القاضي فورا حكما ببراءتك

 

 

المغزى من المقال

لا تضيّع حياتك بسبب حماقة غير مؤكدة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق